في رحاب مدينة خليل الرحمن جنوب الضفة المحتلة نشأ عزيز سالم مرتضى الدويك المكنى بأبي هشام، والذي ولد في مصر في الأولِ من كانون الأول عام ألف وتسعمائة وثمانية وأربعين، وتربى في أسرة محافظة محباً لأرض فلسطين وساعيا لخدمتها بكل ما اكتسب من علم.
وفيما يخصُ ذاك الحقلَ الواسعَ من المعرفة حصل الدكتور دويك على شهادة الدكتوراه في التخطيط الإقليمي والعمراني من جامعة بنسلفانيا في الولايات المتحدة، إضافة إلى ثلاث شهادات للدراسات العليا في التربية وتخطيط المدن والتخطيط الإقليمي والحَضري، كما يعتبرُ مؤسسُ قسم الجغرافيا في جامعة النجاح الوطنية بنابلس والذي رأسه لعدة سنوات، ثم شغَل منصبَ مسؤول العلاقات العامة في جمعية أصدقاء المريض، وكان له دور بارز في الإشراف على العديد من رسائل الدكتوراه.
تزوج الدويك من امرأة فلسطينية مثقفة حاصلةٍ على شهادة جامعية في تخصص الرياضيات، وله من الأولاد سبعة، أربعةُ أولاد وثلاثُ بنات، وكان يعيش مع أسرته في بيت متواضع بحي المصايف في مدينة رام الله.
وبسبب تشعبِ علاقاته الاجتماعية وصفاته المحببة وابتسامته الدائمة، يعدّ الدويك أحد وجهاء مدينة الخليل، وهو من أهم مفكري وقادة حركة المقاومة الإسلامية 'حماس'، وأحد أبرز المبعدين الأربعمائة إلى مرج الزهور في لبنان عام اثنين وتسعين، حيث كان ناطقاً عنهم باللغة الإنجليزية.
يعتبر الدويك أيضاً من قيادات جماعة الإخوان المسلمين في فلسطين، وقد انتمى مبكرا لحركة حماس و أصبح من نشطائها في المجال الفكري والدعوي وتعرض للاعتقال في سجون الاحتلال الإسرائيلي خمس مرات.
'رنتيسي الضفة'، هذا هو اللقب الذي يحب دويك أن يكنى به، تيمنا برفيق دربه في رحلة الإبعاد إلى مرج الزهور الشهيد عبد العزيز الرنتيسي القيادي البارز في حركة (حماس)، والذي كان ناطقًا باسم المبعدين الفلسطينيين باللغة العربية.
وبعد فوز الحركة التي تبنى مبادئها في الانتخابات التشريعية الفلسطينية عام ألفين وستة، انتخبه المجلس التشريعي ليكون رابعَ رئيسٍ له منذ تأسيسه، وتميز برفع شعاراتٍ تذمُ الفساد والظلم وتهميشَ الأماكن المقدسة في فلسطين المحتلة.
ولأن كل تلك الصفات لا يمكن أن تتوافق مع نهج الاحتلال الظالم والهادف إلى تجهيل أكبر عدد من الفلسطينيين، سارعت آلياته المدرعة باقتحام منزل الدويك في التاسع والعشرين من شهر حزيران لعام ألفين وستة واعتقاله، ليعطل عمل المجلس الذي كان سيشكل خطوة أولى في إزالة الاحتلال عن أرض فلسطين.
وبالطبع انتهج الاحتلال بحق الدويك سياسة الإهمال الطبي رغم معاناته من عدة أمراض، وحرمه من حقوقه الطبيعية أسوة بأحد عشر ألف أسير ما زالوا يعانون ظلم الاحتلال داخل زنازينه.
واليوم يستنشق الدويك بعض أنسام الحرية المنقوصة على أرض الضفة المحتلة، تاركاً خلفه آلاف الأسرى من نساء وأطفال وشيوخ وشبان، إضافة إلى أكثر من أربعين نائباً في المجلس التشريعي ووزراءَ سابقين، ليدفعوا ضريبة العزة التي لم يفرطوا بها يوماً.